(( حوار هادئ مع الدكتور بندر الشويقي حول لقاء الجمعة ))
(( حوار هادئ مع الدكتور بندر الشويقي حول لقاء الجمعة ))
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اقتفى أثره ولزم حده إلى يوم الدين وبعد:
فبادئ ذي بدء وقبل أن أشرع في مضامين الحوار، والذي جعلته على شكل وقفات مع عبارات الدكتور بندر الشويقي في لقاء الجمعة مع الأستاذ عبد الله المديفر حفظ الله الجميع بمنه وكرمه،
أذكر نفسي وأخي الشيخ بندر وكل متابع للحوار بقول الله جلّ وعلا:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ }
والآن إلى الحوار،،،
يقول د. بندر الشويقي حفظه الله:
( إن مشكلة حاتم الشريف ليس مع كتاب الدرر السنية، إنما مشكلته مشكلة مفاهيم وتصورات، لذلك لو قلنا: إن هذا الكتاب ـ يقصد الدرر السنية ـ رجس من عمل الشيطان المشكلة ما زالت موجودة )
على هذا الكلام جملة من الملاحظات:
1 ـ هذه دعوى ومنطلقها العلم بالخفايا، فالشيخ تكلَّم عن كتاب الدرر السنية ، وما جرى مجراه من كتب أئمة الدعوة المستقلة التي وقع فيها خلل في التكفير، لذلك استثنى الشيخ كتاب التوحيد من هذا النوع من الخلل أقصد الخلل في التكفير، وإن كان يمكن أن يكون فيه خطأ لكن من قبيل الأخطاء التي لا يخلو منها كتاب على وجه الأرض عدا كتاب الله، والتي منها على سبيل المثال الاستدلال بحديث ضعيف السند مثلا، وهذا النوع من الأخطاء انتقدها الأئمة على الصحيحين.
2 ـ قوله ( لو قلنا إن هذا الكتاب رجس من عمل الشيطان المشكلة ما زالت موجودة ) هذا كلام عاطفي غير علمي، وحكايته تغني عن بيان زيفه، كان الأجدر بمثل الدكتور بندر أن ينأى بنفسه عن هذا الأسلوب في الحوار العلمي وهو أعلم مني بهذا.
3 ـ نعم يمكن أن نوجه كلام الدكتور بندر الشويقي التوجيه الصحيح إذا احتملنا أنه أراد بذلك، ما بذله الشيخ من تجديد في علوم الحديث وعلوم القرآن وعلم الفقه وأصوله، فالشيخ لم تقتصر جهوده التجديدية على علم دون آخر، كما يعلم ذلك كل منصف متابع لنتاج الشيخ، وهو لا يقصد ذلك قطعا، فبطلت دعواه من أساسها.
4 ـ وإذا كان الشيخ بندر يقصد المسائل الفقهية والعقدية والمنهجية التي يطرحها الشيوخ ويناقشها كما في كتبه اختلاف المفتين، والتعامل مع المبتدع، والولاء والبراء فيها، فهذا يعني أنه ممن يسلك مسلك التقليد ويحارب التجديد.
يقول الشيخ بندر الشويقي:
( خلاف الشيخ حاتم مع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهذا الكلام ليس استنباطا، هذا الكلام يصرح به ، قال له المديفر: لكنه يقول إنها دعوة إصلاحية، فرد عليه د بندر: يقول كل مشاكل التكفير من إنتاج هذه الدعوة )
1ـ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، يزعم د. بندر أن الشيخ يصرح بأن خلافه مع دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب ـ سبحان الله ـ وأنا أنصحك بأن ترجع للحلقة وإلى ثناء الشيخ على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وتخفيفا عليك وعلى القراء الكرام ، ارجع إلى الدقيقة 9 ـ 10 من الحلقة المنزلة في اليوتيوب، والتي اختزل منها طول الفاصل ، وصرح بأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أقل خطأ ممن جاء بعده من أئمة الدعوة من الدقيقة 39 ـ 40، وأما ثناء الشيخ عن عموم الدعوة ومحاربتها للجهل والخرافة والشركيات في جزيرة العرب فأقل من أن تحصر في دروسه ومجالسه، بل يصرح الشيخ بأن من القرن العاشر عاش العالم الإسلامي عصر الانحطاط والجهل والتقليد والتعصب المذهبي وووو، لكنه مع كل ذلك ينكر الغلو في التكفير الذي حصل في الدعوة، وليس الغلو في التكفير فحسب، بل الغلو في التكفير الذي صاحبه تطبيق وإراقة لدماء الأبرياء؟!
ويأبى الله سبحانه إلا أن يفسر لنا د . الشويقي معنى مخالفة الشيخ حاتم لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عموما من بنت شفته فقال بعدما اعترض عليه المديفر بقوله(لكنه يقول إنها دعوة إصلاحية ) قال الشيخ بندر : "يقول كل مشاكل التكفير من إنتاج هذه الدعوة" وهذه تدان بها.
إذن يا دكتور بندر خلاف الشيخ ليس مع دعوة الشيخ رحمه الله ، بل مع جزئية من الدعوة، ومع الأتباع على وجه الخصوص في التكفير، وليس في كل دعوته ومحاربته للشرك والخرافة ودعوة الناس إلى التوحيد كما تريد أن ترمي بتعميمك، بنص كلامك.
يقول د. بندر الشويقي:
( مشكلة الشيخ حاتم ما عادت مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، بل مع جميع طوائف الإسلام بلا استثناء: سنة، شيعة، أشعرية، صوفية فيما يتعلق بالكفر والإيمان الشيخ حاتم له مذهب جديد يطرحه )
أقول: غريب مثل هذا التصريح ـ المضحك المبكي للأسف ـ لو صدر من غير طالب علم لاستحق العتاب، فكيف يصدر من طالب علم يعلم المقالات وأصولها وخلافها وتناقضها هذا مشكل حقيقة.
نتمنى من د. بندر أن يحدثنا عن مذهب الشيخ حاتم الجديد في هذا الباب ويحرره لنا، ونحن أعلم به.
نقل الدكتور بندر الشويقي:
( عن الشيخ إسماعيل الدهلوي أحد محدثي الهند المعاصرين للشيخ محمد بن عبد الوهاب الشرك الذي وقع فيه مسلمو زمانه وأنهم كانوا إذا سئلوا وأنكر عليهم ذلك أجابوا بما أجاب به مشركو العرب في الجاهلية )
سؤالنا يا شيخ بندر حفظك الله:
هل الشيخ إسماعيل الدهلوي رحمه الله كفر هؤلاء المسلمين الواقعين في الشرك وألحقهم بالمشركين الخلّص الذين لم يتلفظوا بكلمة لا إله إلا الله، أم أنه ذكرهم بما يفهم منه أنهم كانوا متلبسين بالشرك للجهل المطبق الذي كانوا فيه، وأنهم معذورون بالجهل، حيث أن سياق كلامه يفهم منه أن الجهل عارض، أقول : سياق كلامه لا تصريح كلامه، لكن يكفينا أنه لم يحكم بكفرهم وردتهم، ومن ثم لم يعمل ولم يدع إلى إعمال السيف الأملح في رقابهم ؟!
ذكر الشيخ بندر الشويقي
( عن تاريخ الجربرتي ما يدمي القلب ويجعل الولدان شيبا، مما حصل لأبناء الجزيرة من قتل ونهب واعتداء عل الأعراض وسبي للحرائر من جند الدولة العثمانية، وما ذكر في الرسائل من طلب العون والمدد من رسول الله صلى الله عليه وسلم )
سؤالنا: هل الشيخ حاتم يخالف في أن هذا إجرام واعتداء على الحرمات، وهل ينازع في حق دفع الصائل المعتدي عن الأنفس والأموال والأعراض، أم أنه ينازع في تكفيرهم قتالهم ودفع شرهم على أنهم كفار مرتدون.
بل أزيدك إن الشيخ لا ينازع في أن من أفعالهم ما هو كفر وشرك أكبر ، لكنه لا يرى تنزيل الكفر عليهم، وأنه لا يشترط في دفع الشر المعتدي الصائل أن يكون كافراـ كما هو نص النبي r في الخوارج وفعل الصحابة رضي الله عنهم جميعا معهم، وكما هو الحكم في حد الحرابة.
يقول د. بندر الشويقي:
( مسليمة يشهد ألا إله إلا الله محمد رسول الله ما أنكرها ولا جحدها، فلذلك ما قيل الأسبوع الماضي أن الشيخ محمد يكفر ناس يقولون لا إله إلا الله، نعم يُكَفَّر ناس إذا قالوا لا إلا الله وجاءوا بما ينقضها لا إشكال، مسيلمة ادّعى النبوة وبهذا خرق ضرورية من ضروريات الدين وهي عقيدة ختم النبوة، وعلى الأصول التي قرأناها قبل قليل مسيلمة موحد وقتاله غلو تكفيره غلو ) قال له المديفر: تتوقع الشيخ حاتم يقول كذا؟ قال الشويقي: أنا لا أنسب له، لكن عندما تقول منكر الضروريات لا يكفر هذه النتيجة )
أما هذه يا شيخ بندر فهي ثالثة الأثافي: والكذبة التي لا تجد بطنا يقبلها، ولا عقل مخبول يسمعها، سامحك الله
الشيخ صرح بأن من أتى بما ينقض مدلول شهادة التوحيد اللغوية، كقول إن لله ابنا، وقول المشركين لبيك لا شريك إلا شريك هو لك أنه يكفر، ومعنى المدلول اللغوي الذي أزعجك أنه نفى الحصر الذي أفادته أقوى أدوات الحصر النفي والاستثناء، فكيف تزعم أنه يلزم من نقده لمقولة "لا يكفر إلا من أنكر معلوما من الدين بالضرورة" أنه لا يكفر مسليمة لأنه كان يقول لا إله الله محمد رسول الله، بل الشيخ يكفر من سب الله وسب رسوله r أو استهزأ بدين الله ، وأتى بما هو صريح في ذلك لا يحتمل التأويل، ستكتب شهادتك وتسأل.
وخذ مذهب الشيخ ممن خبره :
الصحيح أن الشيخ حفظه الله لا ينكر هذه المقولة " لا يكفر إلا من أنكر معلوما من الدين بالضرورة" ولا يثبتها على إطلاقها، بل عنده تفصيل فيها، هو الذي دعاه أن ينكر على بيان مجمع الفقه الإسلامي حيث أطلقها، لأن المعلوم من الدين بالضرورة يختلف باختلاف الزمان والمكان، ويكفي أن أضرب لك مثالين لتعلم أن ما حرره الشيخ هو الحق وما عداه هو الباطل ولو كره الجاحدون:
(( المثال الأول )):
ما أخرجه أحمد في المسند من حديث زر بن حبيش قال: قلت لأبي بن كعب : إن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه، فقال: أشهد أن رسول الله r أخبرني أن جبريل عليه السلام قال له: {قل أعوذ برب الفلق} فقلتها فقال: {قل أعوذ برب الناس} فقلتها، فنحن نقول ما قال النبي r.
قال شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح وهذا إسناد حسن من أجل عاصم بن بهدلة,
وما أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده من حديث عبد الرحمن بن يزيد قال : كان عبد الله يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول إنهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى.
قال الشيخ شعيب: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح.
يا شيخ بندر : هل المعوذتان من المعلوم من الدين بالضرورة عند عموم المسلمين بأنها من القرآن الكريم، وهل يعقل من مسلم أن ينكر كونها من القرآن بل يحكها بيده، بل أيعقل أن يكون هذا تصرف أحد الصحابة، بل من ابن أم عبد الذي قال فيه r كما في صحيح مسلم « خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد - فبدأ به - ومعاذ بن جبل وأبى بن كعب وسالم مولى أبى حذيفة ».
لذلك فلتعلم أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه كافر على مذهب من يرى الإطلاق في قاعدة : كفر من أنكر معلوما من الدين بالضرورة
(( المثال الثاني )):
ما أخرجه البيهقي في الكبرى وذكر أصله البخاري في الصحيح من حديث الزهري أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة وكان أبوه قد شهد بدرا : أن عمر رضي الله عنه استعمل قدامة بن مظعون على البحرين ، وهو خال حفصة وعبد الله بن عمر، فقدم الجارود سيد عبد القيس على عمر فقال : يا أمير المؤمنين إن قدامة شرب فسكر، وإني رأيت حدا من حدود الله حقا على أن أرفعه إليك، فقال عمر رضي الله عنه : من شهد معك؟ قال: أبو هريرة. فدعا أبا هريرة فقال : بم تشهد ؟ قال : لم أره شرب ولكني رأيته سكران يقيء. فقال عمر رضي الله عنه : لقد تنطعت في الشهادة. قال : ثم كتب إلى قدامة أن يقدم عليه من البحرين، فقدم فقام إليه الجارود فقال: أقم على هذا كتاب الله. فقال عمر رضي الله عنه : أخصمٌ أنت أم شهيد؟ قال : بل شهيد. قال : فقد أديت الشهادة. فصمت الجارود حتى غدا على عمر فقال : أقم على هذا حد الله. فقال عمر رضي الله عنه : ما أراك إلا خصما وما شهد معك إلا رجل. فقال الجارود: إني أنشدك الله. فقال عمر : لتمسكن لسانك أو لأسوءنك، فقال أبو هريرة : إن كنت تشك في شهادتنا فأرسل إلى ابنة الوليد فسلها، وهي امرأة قدامة، فأرسل عمر رضي الله عنه إلى هند بنت الوليد ينشدها، فأقامت الشهادة على زوجها، فقال عمر لقدامة : إني حادك. فقال: لو شربت كما يقولون ما كان لكم تجلدوني. فقال عمر رضي الله عنه : لم؟ قال قدامة : قال الله عز وجل: { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } الآية. قال عمر رضي الله عنه : إنك أخطأت التأويل، إن اتقيت الله اجتنبت ما حرم الله عليك. قال: ثم أقبل عمر رضي الله عنه على الناس فقال ماذا ترون في جلد قدامة؟ قالوا : لا نرى أن تجلده ما كان مريضا فسكت عن ذلك أياما، ثم أصبح يوما وقد عزم على جلده فقال لأصحابه: ما ترون في جلد قدامة؟ فقال القوم : ما نرى أن تجلده ما دام وجعا. فقال عمر رضي الله عنه : لأن يلقى الله عز وجل تحت السياط أحب إلى من أن يلقاه وهو في عنقي ائتوني بسوط تام فأمر عمر رضي الله عنه بقدامة، فجلد فغاضب عمر رضي الله عنه قدامة فهجره، فحج وحج قدامة معه مغاضبا له، فلما قفلا من حجهما ونزل عمر بالسقيا واستيقظ عمر من نومه فقال : عجلوا على بقدامة فأتوني به فوالله إني لأرى أن آتيا أتاني فقال: سالم قدامة فإنه أخوك، فعجلوا إلى به فلما أتوه أبى أن يأتي فأمر به عمر رضي الله عنه إن أبى أن يجر إليه حتى كلمه واستغفر له وكان ذلك أول صلحهما.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
وفهم قدامة بن مظعون من قوله تعالى: { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا } رفع الجناح عن الخمر ، حتى بين له عمر أنه لا يتناول الخمر، ولو تأمل سياق الآية لفهم المراد منها، فإنه إنما رفع الجناح عنهم فيما طعموه متقين له فيه، وذلك إنما يكون باجتناب ما حرمه الله من المطاعم فالآية لا تتناول المحرم بوجه ما. اهـ أعلام الموقعين (1/ 352 ـ 353 ).
فهل يتصور يا دكتور بندر رجل من الصحابة في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنهم في خير القرون ما زالت الرسالة غضة طرية كما أنزلت، والصحابة موفورون يخفى عليه حكم تحريم المسكر، وهل المسكر ليس معلوما تحريمُه من الدين بالضرورة؟!
نعم ما ذكره شيخنا في هذه المسألة من أن قاعدة " لا نكفر إلا من أنكر معلوما من الدين بالضرورة" ليست على إطلاقها ومن أنكر هذه الحقيقة، لا يجوز له أن يتكلم في دين الله ألبتة.
وما ادعاه المجمع من أن هذا القيد بَدَهَي، فيشكر لهم اعترافهم بالحق، ولا يشكر لهم إغفالهم هذا القيد، والذي بناء على إغفاله أعمل الغلاة التكفير في أهل لا إله إلا الله، والسيف في رقابهم، وما كان إغفاله يترتب عليه هذا المنكر من القول والفعل لا يصح دعوى القول بأنه بَدَهي.
ـ وأما إيرادك بأن الشيخ قد نشر بيان المجمع الفقه الإسلامي الذي عقد في عمان سنة 2011م، وفيه نفس القاعدة، ثم أورد بيان 2013 وأنكرها تلك القاعدة كل ذلك الإنكار، فهذه محاولة منك الاصطياد في الماء العكر الذي يتنزه عنه أمثالك من طلبة العلم، ولما سئل الشيخ عن هذا قال: أذكر أني نشرت المقال من أجل أنهم نصوا على عدم تكفير الطوائف، هذا الذي دفعني لنشر المقال، ولم ألتفت إلى تلك العبارة حينها.
يقول الدكتور بندر:
( حاتم العوني يكفر من قال لا إله إلا الله لكن الدائرة عنده أضيق، يكفر من يقول لا إله إلا الله وعنده مكفر وهو جاهل ويصرح بهذا )
هذا تألي على الشيخ، الشيخ يكفر من يقول لا إله إلا الله إذا أتى بما ينقض مدلولها اللغوي، بمعنى من لم يفهم معنى لا إله إلا الله، وأما من قال لا إله إلا الله وهو يعلم معناها ثم تلبس بناقض جهلا فهذا الشيخ لا يكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر بمثلها ، بل ويفهمها ويجاب عن كل الإشكالات والشبه القائمة لديه حتى تصل بنا الحال إلى القطع بأن هذا الشخص معاند، وهذا لا يعني أنه لا يرى الناقض كفرا، وفرق بين المسألتين كما لا يخفى عليك.
يقول الدكتور بندر:
( كتاب الدرر السنية كتاب مراسلات ، الدرر السنية ليس من تأليف عالم ، علماء مجموعة مراسلات يتفاوتون في علمهم في تحقيقيهم، حتى بعض الرسائل مجهولة المصدر )
ألا يكفي يا شيخ بندر من أن يكون هذا الإقرار منك دافعا وحافزا على تمحيص وتنقية هذا الكتاب من الخلل الذي وقع فيه بكل إنصاف وعدل.
يقول الدكتور بندر:
(حتى الراد حتى المناقش ينقل من نفس الكتاب لا لأجل أن هناك تناقضا)
نتمنى أن يذكر لنا الشيخ بندر نسبة من يرد الغلو في التكفير بما في الدرر السنية مقارنة بمن يستدل بما فيه من نصوص على التكفير هذا أولا.
ثانيا: إذا كان هذا الذي ذكر صحيحا من أنه كما أن هناك من يستدل على التكفير بكتاب الدرر السنية هناك من يرد ويناقش التكفير بما فيه أيضا، كيف لا يكون هذا تناقضا؟
هل الخلل في الناقلين من الكتاب على اختلاف مشاربهم وعقولهم، أم الخلل في الكتاب لما فيه من مسائل شائكة وخطيرة وغير محررة والأقوال فيه متضاربة؟
يقول الدكتور الشويقي حاكيا مذهب الشيخ حاتم الشريف:
( العلماء كلهم على خطأ في التكفير من بعد القرون الثلاثة، وأنا عندي مذهب جديد في التكفير أحسن لك ) يقوله لمن وقع في الغلو في التكفير.
هل تزعم أن هذا كلام الشيخ حاتم بنصه وبحذافيره، أم أن الشيخ حاتم يرى ويصرح بأن الخلل في التكفير وقع في جميع المذاهب، وموجود من قديم، وليس بالضرورة أن يكون عند كلهم هذا الخلل، والدليل أنه نص على أن بعضهم كان يرد على بعض، وأن أشد التكفير هو التكفير الحالي، لأنه انتقل من التنظير والتقرير للمكفرات في كتب الردة إلى التنزيل على الأعيان، وهذا ما لا يوجد عند المتقدمين، بل من التنزيل إلى تطبيق أثره من قتل وذبح وسفك للدماء، كما هو مشاهد؟!
( سأل الأستاذ عبد الله المديفر الدكتور بندر قائلا: هل الأصل في حياتنا حياة الحرب أم حياة السلم؟
فأجاب د. بندر بقوله: نفس السؤال والله يا أخي.... حال النبي r الله كانت على مراحل مسالمة، كفّ، ثم جهاد وفتح، أحوال تختلف ).
للأسف السؤال في واد والإجابة في واد، هو يسألك عن الأصل في حياة المسلم أهي سلم أم حرب، ولم يسأل عن واقع حياة النبي r، فجوابك فيه حيدة، لذلك الصحيح أن الأصل في حياة أهل الإسلام السلم لا الحرب، لأننا نعتقد وإياك أن الله خلقنا لنعبده وحده لا شريك ولم نخلق لنقاتل الناس، ومتى حال دون ذلك حائل شرع القتال لتكون كلمة الله هي العليا.
لذلك جوابك عن جهاد الطلب فيه صراحة وشجاعة أدبية تشكر عليها حقا كما أن الشيخ حاتما كان صريحا واضحا في طرحه، وكان ينبغي أن تسير عليها في كل لقاءك وتبدي رأيك وقناعتك بكل شجاعة لا أن تحاول أن تمسك العصا من الوسط.
قال الدكتور الشويقي:
( الشيخ حاتم لا يتفق مع أحد، للشيخ حاتم كلام في العبادة أخطر وأشد، الشيخ حاتم لو قلت: إن هذا الكأس هو الذي خلق هذا العالم من العدم بإذن الله، لازم تقول بإذن الله القضية تمشي لا يوجد كفر، لو أقول هذه الورقة تحيي الموتى بإذن الله لو أقول أن هُبل هو الذي ينزل الغيث ويغفر الذنوب جميعا بإذن الله ما هناك إشكال، فقط قيد القضية بإذن الله تخرج من حد الشرك)
الدكتور بندر: كذبت وربِّ الكعبة يا دكتور بندر ، إنا لله وإنا إليه راجعون
( لو قلت: إن هذا الكأس هو الذي خلق هذا العالم من العدم بإذن الله، لازم تقول بإذن الله القضية تمشي لا يوجد كفر، لو أقول: هذه الورقة تحيي الموتى بإذن الله، لو أقول: أن هُبل هو الذي ينزل الغيث ويغفر الذنوب جميعا بإذن الله ما هناك إشكال )
الله أكبر ، الله أكب ركبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا، ولو سمع الشيخ كلامي لدعاك إلى المباهلة عند الكعبة بين الباب والحجر عند الملتزم، على هذا الكذب الصراح، والذي لا إله غيره ولا رب سواه، لن يذهب هذا الظلم وهذا الجور سدى ويصدق فيك قول الباري جل وعلا:
{ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا }.
ثم تقول:
( إن هذه التقريرات ( للشيخ حاتم ) أبعد عن دين الإسلام من منهج الغلاة في التكفير، الله عز وجل يقول: { والفتنة أشد من القتل } تحريف الدين واللعب به بهذه الطريقة أشد من القتل ... أعطني عالما سبقك إلى إنكار التكفير بالضروريات، هذه القضية كارثة، تورّط طالب عالم في مثل هذا القول معناه إضاعة للكليات الشرعية وكتاب الله لو أنكره وجحده جاحد وما آمن به يكون تكفيره غلو )
مع في هذا الكلام من هراء لا يستسيغ سماعه كل منصف عاقل من أي ملة وأي نحلة، لأن الآية في مشركي وفي شرك العرب كما لا يخفى عليك ـ لكن لعلك تقول العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فتنزّل الشيخ حاتم منزلة مشركي العرب، أو تقول يجوز الاستدلال بما ورد من آيات من الشرك الأكبر في الشرك الأصغر، لكنك اعتبرت ما جاء به الشيخ حاتم تحريفا للدين إذن هما سواء.
لكن نتمنى أن تجيب على تلك النماذج التي ذكرت لك سابقا، وأتمنى أن تكون شجاعا كما كنت شجاعا في مسألة جهاد الطلب، وتقول إن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كفر بحكه للمعوذتين، وأن قدامة بن مظعون قد كفر باستحلاله للمسكر، وإلا فأنت متناقض.
يقول الدكتور بندر في تعليقه على أحداث الأسبوع:
( الأرضية التي وحّدت الناس بعدما كانوا مختلفين في أديانهم وتغلغلت هذه الدعوة في كل أقليم...)
أقول يكفي كلامك الأخير هذا ( بعدما كانوا مختلفين في أديانهم ) في صحة ما ذهب إليه الشيخ حاتم في نقده للخلل الواقع في باب التكفير، ها أنت وصاحب درجة علمية تقرّ أن الناس كانوا مختلفين في أديانهم ؟!!! إذن لم يكن دين واحد بل أديان.....
وفي الختام أقول لك : مع كل احترامي يا دكتور بندر لم تكن منصفا ولم تتحل بالأمانة العليمة ، وعند الله تجتمع الخصوم: { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ }.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب:
أبو وائل حسان بن حسين آل شعبان
الطالب بمرحلة الدكتوراه ـ شعبة الحديث وعلوم ـ
كلية الدعوة وأصول الدين ـ قسم الكتاب والسنة
جامعة أم القرى
السبت 25 ذو القعدة 1435 هـ