حكم تلقيب سيدة نساء العلمين فاطمة رضي الله عنها بالزهراء

من الغلو في الرد على الشيعة : أن يُجعل خلافهم من شعارات السنة مطلقا ! حتى فيما هو حق ، وفيما ليس من البدع . ومن ذلك أن أحدهم كره أن يُصلى على الآل مع الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم)، بدعوى أنه من شعارات الشيعة ! ونسي أن ذلك هو تعليم رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
ومن ذلك التوقف عن تلقيب سيدة نساء العالمين فاطمة (رضي الله عنها) بلقب (الزهراء)! مرة بحجة أنه لم يرد في النص الشرعي ، ولا عن السلف . ومرة بحجة أنه شعار للشيعة !
وأما عدم وروده في النصوص أو عن السلف : فهذا استدلال جاهل لأن الألقاب ليست توقيفية لا تجوز إلا بنص ، ولا قال هذا عاقل قط . ولا كانت الألقاب من العبادات حتى يُشترط فيها عدم الابتداع ! بل هي مما يُشرع فيها الابتداع اللغوي ؛ لأنها من أمور الدنيا ومن الأعراف غير المتعبَّد بها .
وأما أن لقب (الزهراء) لقب من شعارات الشيعة فهو غير صحيح ، بل هو لقب عرفه أئمة السنة والحديث والفقهاء والأصوليون من أهل السنة منذ القرن الرابع ، وحتى اليوم ، وما تحاشاه إلا هؤلاء النواصب الجدد ، أخزاهم الله .
ومن قطرة هذا البحر ، الذي يثبت أن هذا اللقب لم يكن شعارا للشيعة في عامة قرون الإسلام ، سأذكر جمعا من أهل العلم ممن أطلقه على البضعة النبوية فاطمة البتول الزهراء Jوصلى الله على أبيها وعليها وسلم .
1- قال ابن حبان (ت354هـ) في تبويب أحد أبواب صحيحه : «ذكر فاطمة الزهراء ابنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ورضي عنها ، وقد فعل»([1]).
وكرر ابن حبان هذا اللقب في كتابه (الثقات) وفي (مشاهير علماء الأمصار) في ترجمته للحسنين (رضي الله عنهما) ([2]).
2- وأطلقه الآجري (ت360هـ) في كتابه العقدي (الشريعة) مرات عديدة ، عندما يرد ذكرها (رضي الله عنها) ([3]).
3- وصنف أبو عبد الله الحاكم النيسابوري (ت405هـ) كتابا بعنوان (فضائل فاطمة الزهراء)، وكرر هذا اللقب عدة مرات في هذا الكتاب .
4 - والفقيه الحنبلي ابن أبي موسى (ت428هـ)، في كتاب (الإرشاد)([4]).
5- وابن عبد البر الأندلسي المالكي (ت463هـ) في كتابه (الاستيعاب)([5]).
6- والخطيب البغدادي (ت463هـ) في (تاريخ بغداد)، في ترجمته للحسنين L([6]).
7- ومحيي السنة البغوي (ت516هـ) في (شرح السنة)، حيث بوب بابا قال فيه : «باب مناقب فاطمة الزهراء (رضي الله عنها)»([7]).
8- وأبو نعيم الحداد عبيد الله بن الحسن بن أحمد الأصبهاني (517 هـ)في كتابه (جامع الصحيحين بحذف المعاد والطرق) ، قال فيه : «ذكر مرثية فاطمة الزهراء أباها عليهما السلام»([8]).
9- والإمام العمراني الشافعي (ت558هـ)، في كتابه (البيان في مذهب الإمام الشافعي)([9]).
10 - وابن هبيرة الحنبلي (ت560هـ) في (الإفصاح عن معاني الصحاح)([10]).
11- وأبو عبد الله القرطبي (ت671هـ) في (الجامع لأحكام القرآن)([11]).
12- والإمام النووي (ت676هـ)، في ترجمة الزهراء (رضي الله عنها) في (تهذيب الأسماء واللغات)([12])
13- والإمام المزي (ت742هـ)، في (تحفة الأشراف) عقد مسندا لها (رضي الله عنها) قال في عنوانه : «ومن مسند فاطمة الزهراء بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيها»([13]). وفي (تهذيب الكمال)([14]).
14- والذهبي (ت748هـ) في العديد من كتبه .
15- وابن كثير الدمشقي تلميذ ابن تيمية (ت774هـ)، في كتابه (مسند الفارق)([15])، و(البداية والنهاية).
16- وابن حجر العسقلاني (ت852هـ) في عدد من كتبه ، ونص في ترجمتها في (الإصابة) على هذا اللقب ، فقال في تقديم الترجمة : «فاطمة الزّهراء بنت إمام المتقين رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، الهاشميّة صلّى اللَّه على أبيها وآله وسلّم ورضي عنها، كانت تكنى أم أبيها ... وتلقّب الزهراء»([16]).وقال في ترجمتها في (تقريب التهذيب) الذي طُبع عن نسخة بخط يده : «فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أم الحسن سيدة نساء هذه الأمة تزوجها علي في السنة الثانية من الهجرة وماتت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر وقد جاوزت العشرين بقليل». وقال في (تهذيب التهذيب) المطبوع عن نسخة بخطه أيضا : «فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، تكنى أم أبيها ، وتُعرف بالزهراء»([17]).
17- والبقاعي (885هـ) في تفسيره (نظم الدرر)([18]).
18- والسخاوي (ت902هـ) في عدد من كتبه .
19- والسيوطي (ت911هـ) في عدد من كتبه .
تاريخ النشر : 1443/11/25 هـ
طباعة المقالة